رقم العضوية : 19عدد المساهمات : 294تاريخ التسجيل : 11/02/2010مزاجى : الجنس : العمر : 34 الاوسمة :
موضوع: مدينة الأسكندرية الخميس نوفمبر 04, 2010 5:44 am
كن مشاركا لاتقرا وترحل اترك تعليقا
مدينة الأسكندرية لم يكن القرار الذى اتخذه الإسكندر الأكبر فى عام 31ق.م ببناء مدينةيونانية عند موقع راقودة نابعا من فكرة مثالية استهوته عند رؤيته لهذاالموقع وإنما كان فكرة امتزجت فيها المثالية بالمنفعة فى آن واحد فقد كانهذا القائد الفاتح يبحث عن عاصمة لمملكتة المصرية الجديدة تكون على اتصالبمقدونيا فكان لابد من أن تكون هذة العاصمة فى مدينة ساحلية ذات موقع جميلوجو مثالى تتوفر فيه المياه العذبة والمحاجر الجيرية فضلا عن مدخل سهل إلىالنيل كما كان الإسكندر يطمح إلى نشر أفضل ما فى الثقافة الهللينية من هذاالموقع ويأمل فى تشييد عاصمة لليونان الكبرى التى تتألف من ممالك وتشملالعالم بأسرة
تلك كانت صورة الإسكندر وهو ينطلق لتحقيق طموحاته ومع أن المدينة الجديدة حملت أسم مؤسسها الذائع الصيت لم تكتسب شهرتها مننسبتها إليه وانما اكتسبت هذه الشهرة من جامعتها العريقة ومجمعها العلمى"الموسيون" ومكتبتها التى تعد أول معهد أبحاث حقيقى فى التاريخ جعل منالمعرفة الإقليمية معرفة عالمية فقد أصبحت المدينة قبلة الباحثين الذينيجمعون فى نظام ومثابرة كل علوم العالم وقد بقيت مدينة الإسكندرية قرابة ألف عام أى منذ إنشائها حتى الفتح العربىعاصمة لمصر وحين اتخذت مصر العربية من الفسطاط عاصمة بقى للإسكندرية دورهاالحضارى المؤثر لا فى تاريخ مصر العام فحسب وإنما فى تاريخ حوض البحرالمتوسط بعامة وساعدها موقعها المتميز فى القيام بهذا الدور وأتاحت لهاإمكانيتها الاقتصادية مواصلة هذا الدور بكافية واقتدار لقد امتزج فى الإسكندرية خليط من الجنود المقدونيين ثم الرومان والقساوسةالمصريين والارستقراطيين الإغريق والبحارة الفينيقيين والتجار اليهود فضلاعن زوارها من الهنود والأفارقة وكان هذا الخليط يعيش داخل المدينة القديمةفى انسجام واحترام متبادل إبان ازدهار الإسكندرية وعظمتها إذ كانت بحقبوتقة تنصهر فيها الأجناس وتلتقى فيها الحضارات ويتدارس العلماء والمفكرونقضايا عصرهم فى هذا المناخ المتميز نشأت وتطورت جامعتها القديمة التى كانتأعظم ما فى هذه المدينة وقد شهد القرن الثالث قبل الميلاد أعظم عصورالإزدهار العلمى التى عرفتها الحضارة القديمة فقد أخذ علماء الإسكندرية فىالكشف عن طبيعة الكون وتوصلوا إلى فهم الكثير من القوى الطبيعية ودرسواالفيزياء وما كان ذلك ليتم لولا مساندة القصر الإمبراطورى المادية لأبحاثالموسيون العلمية ففى هذا العهد تدارس الباحثون الفيزياء والفلكوالجغرافيا والهندسة والرياضيات فضلا عن التاريخ الطبيعى والطب والادب ويحق للإسكندرية أن تفخر بإقليدس عالم الهندسة الذى تخرج على يديه أعظمالرياضيين مثل أرشميدس وأبولونيوس كما يحق لها أن تفخر بهيروفيلوس فى علمالطب والتشريح وإيراسيستراتوس فى علم الجراحة وإريستاخوس فى علم الفلكوإيراتوستنيس فى علم الجغرافيا وثيوفراستوس فى علم النبات وكليماخوسوثيوكريتوس فى الشعر والأدب وعشرات غيرهم كان لهم فضل عظيم على تراثالإنسانية وفى الإسكندرية دون مانيتون تاريخ مصر وظهرت الترجمة السبعينيةللعهد القديم ومن الإسكندرية انتقلت الديانة المصرية إلى حضارة اليونانوفلسفتهم وخرجت الإسكندرية عددا من الفلاسفة المشهود لهم فى تاريخ الفكرمثل فيلون وأفلوطين وعندما إضمحلت إمبراطورية الإسكندر ودار الزمن على جامعتها ظلت مدينةالإسكندرية كما كانت درة هذه الإمبراطورية والأمينة على تراث عصر ازدهارهاالحضارى وورث الرومان هذا التراث وزادوا عليه وحفظت الإسكندرية كل هذاالتراث ودخلت به العصر المسيحى وفى العصر المسيحى يحق للإسكندرية أن تفاخر من جديد بأنها كانت كعبةالتفكير المسيحى فذاعت شهرة كبار أساتذتها فى اللاهوت ومنهم كليمنسوأوريجينيس وبعد أن انتصرت المسيحية على الوثنية غدت الإسكندرية العاصمةالروحية للعالم المسيحى فقد تزعمت مذهب الوحدانية ثم وقع بينها وبينبيزنطة صراع مذهبى تبلورت خلاله آمال المصريين فى الاستقلال ونمت لدىسكانها الرغبة فى التخلص من كل ماهو إغريقى والتمسك بكل ماهو مصرى وفى هذهالظروف دخل العرب مصر عام 642م وفى العصر الإسلامى احتلت الإسكندرية مكانة مرموقة فأصبحت أهم قاعدة بحريةفى شرق البحر المتوسط فضلا عن إمكاناتها الجغرافية والتاريخية فى وصلالشرق بالغرب فازدهرت اقتصاديا وثقافيا وحضاريا وازدهر عمرانها الإسلامىممثلا فى المدارس والمساجد والقصور والدور والفنادق والأسوار والأبراجوالحصون وفى نهاية القرن الثانى الهجرى كانت الإسكندرية أهم مركز للمذهب المالكىفكانت معبرا يصل بين الأندلس فى الغرب ومكة فى الشرق كما كانت مزارا ودارهجرة لعدد من المترجمين العرب الذين وفدوا لتعلم اللغة اليونانية فىالقرنين الثالث والرابع الهجريين وكان حنين بن إسحاق من زوارها المشهورينوظلت فى العصر العربى محافظة على التقاليد والثقافة الإسلامية وأشتهرتخلال القرن السادس الهجرى بمدرستيها السنتين المدرسة الصوفية والمدرسةالسلفية وفى العصر الأيوبى أهتم صلاح الدين بالمدرسة السلفية وأنشأ مدرسة جديدةعام 576هـ/1180م وفى العصر المملوكى بلغت الإسكندرية ذروة تقدمها العمرانىوكثرت فيها دور الحديث الشريف التى كانت مدارس حقيقية للفقة والتفسيروالأصول ومن أشهر مشايخ الإسكندرية أبو الحسن الشاذلى وعبد الكريم بن عطاءالله السكندرى وأبوعبدالله المعافرى الشاطبى والعلامة الصالح أبو العباسالمرسى وابن المنير وازدهرت الإسكندرية فى العصر الإسلامى حتى قيل إنه لاتبطل القراءة فيها ولا طلب العلم ليلا ولا نهارا ومن شعرائها ابن قلاقسوفيها وجد رواد الأدب الشعبى مجالا خصبا لمادتهم القصصية وكان من أثر ذلككله أن طبعت المدينة بطابعها الشرقى والغربى معا كقصة طريفة من قصص ألفليلة وليلة وفى العصر العثمانى مرت الإسكندرية بفترة ركود استمرت بضعة قرون إلا أنهاكانت المدينة الأولى فى الشرق التى استقبلت جحافل الغزاة الغربيين بكلمالديهم من خير وشر فتلقت بذلك أول صدمة حضارية غربية أتت بها الحملةالفرنسية فى أواخر القرن الثامن عشر وبعد إخراج الحملة الفرنسية من مصرأصابت الإسكندرية شيئا من النهضة التى أفادت منها مصر فى عهد واليهاالطموح محمد على ومع ازدياد الجاليات الأجنبية فى مصر وتمركزها فى الإسكندرية نشطت الحياةفى المدينة من جديد لتقوم بدور حضارى يشبة إلى حد كبير دور ذلك المزيجالسكانى الذى عاش فيها فى العصر البطلمى فقد كان التنافس بين الدولالغربية قائما من خلال إنشاء القنصليات والبيوت التجارية والأنشطةالثقافية المتمثلة فى المدارس الأجنبية العديدة مما جعل المدينة تنعمبنهضة علمية متميزة أفاد منها المجتمع السكندرى فوائد ملحوظة كما أن التنافس الأستعمارى على مصر فى أعقاب الحملة الفرنسية جعل منالإسكندرية نقطة انطلاق للبريطانيين نحو الشرق فكان إنشاء الخط الحديدىبين الإسكندرية والسويس فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر تعبيرا واضحاعن المطامع البريطانية فى مواجهةالمطامع الفرنسية التى نجحت فى شق قناةالسويس لتقوم بالدور نفسه فى وصل الشرق والغرب ومهما يكن من أمر هذه التطورات السياسية فقد كان لها تأثير اقتصادى انعكسإيجابيا على الإسكندرية وظهر ذلك فى آثار الجاليات الأجنبية التى أقامتبها وما ترتب على ذلك أيضا من مزج حضارى بين المجتمعات الغربية والمجتمعالشرقى فقد جعل هذا التطور الإسكندرية مدينة تجمع بين الطابعين الأوربىوالشرقى فى آن واحد وهكذا كان المجتمع السكندرى برصيده الحضارى واندماجهفى المجتمعات الغربية مهيئا للقيام بدور ريادى فى نشر التعليم فى مصرمستعدا لأن يقوم بدور ريادى فى نشر التعليم الجامعى وتطويره إحياء لدورالمدينة القديم وتتويجا لدورها الحضارى على مدى عشرين قرنا من الزمان هىعمر المدينة الزمنى والحضارى معا