من الملاحظات الواقعية والعيادية في مجتمعاتنا أن هناك " إفراطاً" فيتطبيق مفاهيم العين والحسد والسحر وتأثيراتها في الحياة الزوجية وأيضاً فيمختلف النواحي الطبية والنفسية والأحداث اليومية الاعتيادية . ويؤدي ذلكإلى فهم خاطئ لأسباب المشكلات المتنوعة وبالتالي ازدياد تعقيد المشكلاتوتطورها وعدم السير في طريق الحل الصحيح. والمشكلات الزوجية متنوعة ومنتشرة ولها أسبابها .. ومنها العين والحسدوالسحر ولكن الإفراط و الإسراع في " تشخيص" العين والحسد يشكل ظاهرةمنتشرة تحتاج للمزيد من الدراسة والبحث . وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى اعتبار المشكلات الزوجية بسبب العين والحسد والسحر… ومنها : 1- "الجهل العام والابتعاد عن الفهم الواقعي والعملي للمشكلة الزوجية "بسبب نقص المعلومات والثقافة عن العلاقات الزوجية والإنسانية . والحقيقةأن البحث العلمي في العلاقات الزوجية ومشكلات الزواج والتفاهم يعتبرحديثاً نسبياً مقارنة مع العلوم الأخرى ... وهناك اهتمام علمي كبير في هذاالميدان الذي يتطور باستمرار ويضيف لفهمنا للمرأة والرجل والعلاقة بينهماويعطينا فوائد نظرية وعلاجية هامة .
2-" الأساليب الدفاعية النفسية عند الرجل أو المرأة أو كليهما" ويتلخص ذلكبوجود القلق الشديد الناتج عن التعامل مع الطرف الآخر والمشكلات الزوجيةويتعود أحد الطرفين أو كليهما أن يتخفف من هذا القلق بشكل لا شعوري بأنينسب لجهات خارجية عن الذات مسؤولية المشكلات الزوجية وهذا يسمى " الإسقاط" . وفي تكوين الشخصية الاعتمادية أو النرجسية " الأنانية " وأيضاًالشخصية الزورية " الشكاكة " أنها يمكن أن تتعود على استعمال مثل هذاالدفاع النفسي بشكل غير متناسب مع الأسباب الحقيقية وراء المشكلات الزوجية. وهذه الأسباب الدفاعية يتخفف الإنسان بها من مشاعر القلق ومشاعر الذنبوأيضاً المشاعر العدوانية الغاضبة بأن يحولها إلى جهة أخرى خارجية . ومن المفيد هنا التأكيد على أن الشخصية الناضجة تواجه المشكلات المتنوعةبصراحة وواقعية ويمكنها تحمل درجات أكبر من القلق والتوتر .. وهي تستطيعمراجعة نفسها ويمكنها أن تتحمل المسؤولية والخطأ وأن تقوم بإصلاحه . أماالشخصية الأقل نضجاً وتوازناً والأكثر عقداً واضطراباً فهي ضعيفة لا تتحملاللوم والذنب والخطأ وتهرب من المسؤولية وتتملص من تبعاتها .. كما أنهاتقنع نفسها بالكمال الزائف وتتألم كثيراً من كل ما يذكرها بضعفها ونقصهاوقصورها. 3- " اختلاق الأعذار والتهرب الإرادي من المسؤولية " .. ويعني ذلك اختلاقالأعذار وتبرير التقصير والأخطاء التي يقوم
بها أحد الزوجين بأن يرمي المشكلة إلى العين والسحر والحسد. وهو يعرف أنذلك سوف يخلصه من المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية وأنه "لا يد له " فيالأسباب . ولا سيما أنه يعرف أن مثل هذه التبريرات مقبولة في المجتمعوواسعة الانتشار . وهذا ما يقوم به بعض ضعاف النفوس من خلال كذبهموافترائهم وادعاءاتهم الباطلة .
وتتعارض هذه العقلية مع " التفكير السببي العلمي ومبدأ "إن السماء لا تمطرذهباً ولا فضة " "وأعقلها وتوكل " . حيث يجب التعرف على الأسباب والمسبباتوالقوانين التي وضعها الله في الأرض وفي خلقه ومن ثم العمل بمقتضاها ..ولا يمكن القفز مسافات هائلة دون توفر الوسائل الموصلة ... وأخيراً لابد من التأكيد على أن الانحراف عن الخلق القويم وارتكاب المعاصيالمتنوعة يهيئ للمشكلات الزوجية والجنسية ولا بد من مراجعة النفس وأخطائهاوسلوكياتها
باستمرار والالتزام بالعبادات والذكر والمحصنات التي تجعل الإنسان قوياًفي مواجهة العين والسحر والحسد، وتساهم في تحسين وإصلاح العلاقة الزوجيةبإذن الله . كما لابد من دراسة المشكلات الزوجية بالتفصيل ومعرفة أسبابهاالحقيقية والمحتملة والسير في طريق التغيير والتعديل والإصلاح والاستفادةمن الطرق العلاجية النفسية والتي تساعد على التخفيف من حدة المشكلاتالزوجية وتعديل أساليب التفاهم الزوجي والسير في طريق علاج المشكلات وحلهاباستمرار.
الخلافات الزوجية والعين والحسد والسحر
تأليف الدكتور حسان المالح أخصائي بالأمراض النفسية جدة - المملكة العربية السعودية