قد وضع بطلميوس الثالث أساس معبد أدفو في 23 أغسطس عام 237 ق.م ، إلا أنبناءه لم يتم قبل 5 ديسمبر سنة 57 ق.م ، ولهذا المعبد كالمعابد الفرعونيةبوابة مصرية صميمة ، لكنه لا توجد أمامها أي أثار لتماثيل ضخمة أو مسلاتعلى نحو ما كان يوجد عادة في المعابد الفرعونية ، وتزين هذه البوابة زخرفةتقليدية في أعلاها مناظر دينية مختلفة ، وتحتها الملك ينقض على أعدائه فيحضرة الإله حورس .
وتؤدي البوابة إلى فناء يحيط بجانبيه وبالجدار الذيفيه المدخل دهلير ذو أعمدة تحمل رؤوساً من طرازي النخيل وزهرة اللوتس ،وكذلك من الطراز المعروف باسم رؤوس الزهور أو الرؤوس المركبة ، وتشبه كلرأس من الرؤوس المركبة ناقوساً يزين جوانبه عدد من الأزهار وأوراق نباتاتمختلفة رتبت في أوضاع متباينة ، وتقوم فوق الناقوس ، بمثابة أفريز ، رأسمن رؤوس حتحور ، وهي عبارة عن مكعب ضخم تزين كل وجه من وجهه الأربعة رأسسيدة لها أذنا بقرة ، وقد زينت الأعمدة والجدران التي خلفها بمناظر دينيةونقوش ، نحتت في جوف الصخر وطلبت بالألوان .
وتوجد خلف الفناء صالة ذاتأعمدة ، تقوم إلى كل من جانبي مدخلها ثلاثة أعمدة تصل بين بعضها بعضا ،وكذلك بينها وبين الجدارين الجانبين في هذه الصالة ستة جدران قصيرة ، لايتعدى ارتفاعها نصف ارتفاع الأعمدة ، ووراء هذه الأعمدة الستة صفان آخرانفي كل منهما ستة أعمدة ، صفت خلف أعمدة الواجهة واتفقت معها في الطراز ،ورؤوس هذه الأعمدة من طرازي رؤوس النخيل ورؤوس الزهور على التعاقب .
ويثيرمنشأ الجدران القصيرة خلافاً كبيراً في الرأي ، لأن هذه الستائر ليست بدعةاستحدثت في عصر البطالمة وأن كان استخدامها قد شاع في هذا العصر ، فإنهالم تظهر لأول مرة في معابد البطالمة بل ظهرت قبل ذلك ، على عهد الدولةالحديثة في الكرنك وفي مدينة هابو ، وكذلك على عهد الأسرة الثلاثين فيمدينة هابو وفيلة ، ويمكن تتفسير استخدام هذه الستئار بالرغبة في السماحلقدر كبير من الضوء والهواء بالوصول إلى الأجزاء الداخلية بالمعبد ، وهيالرغبة نفسها التي أدت إلى أن يُستبدل بنظام الإضاءة الشائع قديماً عنطريق الفتحات العليا المترتبة على ازدياد ارتفاع الأعمدة الوسطى علىارتفاع الأعمدة الجانبية ، نظام آخر عرف كذلك في بعض المعابد الفرعونيةوكان عبارة عن عمل فتحات كبيرة في السقف ، وقد زينت جدران هذه الصالةوأعمدتها بمناظر تمثل بطلميوس الثامن وهو يقوم ببعض الطقوس التي تتصلبإنشاء هذا المعبد .
وفي الجدار الشمالي بهذه القاعة مدخل يؤدي إلىصالة أعمدة ثانية أصغر من الأولى ، لكن جمالها يعيضها خيراً عن صغر حجمها، وبهذه القاعة أثنا عشر عموداً من طراز الأعمدة ذات الرؤوس المركبة ،وهذه الأعمدة مرتبة في ثلاثة صفوف ، يتألف كل منها من أربعة أعمدة أقلضخامة من أعمدة الصالة الأولى ، وزخرفة هذه الصالة الثانية تشبه فيالموضوع زخرفة الصالة الأولى ، لكن يظهر فيها بطلميوس الرابع بدلاً منالثامن ، هذا إلى أنها تمتاز بالمستوى الرفيع الذي بلغه فنها ، ولهذهالصالة نظائر في معابد فرعونية أخرى مثل معبد مدينة هابو والرامسيوم ،وكما هو الحال في هذين المعبدين ، توجد هنا كذلك غرف صغيرة إلى جانبي هذهالصالة الثانية .
وكما هو الحال في الرامسيوم تؤدي هذه الصالة إلىقاعتين صغيرتين أحداهما خلف الأخرى ، وقد زينت جدران هاتين القاعتينبمناظر تمثل الملك وهو يتعبد إلى آلهة مختلفة ، وتؤدي القاعة الخلفية إلىقدس الأقداس ، وهو قاعة مستطيلة بها باب واحد يقع على المحور الرئيسيللمعبد ، وتمثل المناظر التي زخرفت بها جدران قدس الأقداس الملك وهو يعبدحورس وزوجته حتحور ، ويقوم وسط هذه القاعة مذبح منخفض كانت توضع عليهالمركب المقدسة ، وعند نهاية هذه القاعة يوجد ناؤوس صغير وضع فيه تمثالبديع للصقر المقدس ، وكانت هذه الغرفة تبقى مغلقة مختومة ، لا تكسراختامها ولا يفتح بابها إلا في الأعياد الكبرى ، ولا يسمح بدخولها إلاللكاهن الأكبر وفرعون ، الذي كان مركزه يخول له أن يقوم بمهام الكاهنالأكبر في أي معبد ، ويحيط بقدس الأقداس دهليز يفتح عليه عدة غرف صغيرة ،خصصت كل منها لعبادة أحد الآلهة ويوجد في هذا المعبد ، كما يوجد فيالمعابد الفرعونية ، سلمان أحدهما في الجانب الشرقي والآخر في الجانبالغربي لبلوغ سطح المعبد ، وقد غطيت جدران السلمين بمناظر مهرجانات دينية .
وكماهو الحال في معبد الكرنك ، يوجد في معبد ادفو دهليز خارجي يدور حول أجزائهالداخلية ابتداء من صالة الأعمدة الأولى ، وقد زينت الواجهة الداخليةلجدران هذا الدهليز بمناظر معارك حورس مع ست ، وبمناظر للطقوس التي تخلدانتصار حورس ، أما الواجهة الخارجية لجدرانه فتحمل مناظر لبطلميوس العاشراسكندر الأكبر وزوجه الملكة برينيكي وهما يعبدان آلهة مختلفة .
ويتبينمن كل ما مر أن معبد ادفو معبد مصري بحت في تصميمه وعمارته وطراز زخرفته ،حتى أن علماء الآثار لم يستطيعوا التعرف على تاريخه قبل قراءة نصوصه ممايدل على أنه يخلو من التأثيرات الإغريقية خلوا تمامًا .